Fana: At a Speed of Life!

إثيوبيا وكوبا… خمسون عامًا من العلاقات التاريخية والتضامن المشترك

تمثل العلاقات الكوبية–الإثيوبية نموذجًا فريدًا للتضامن التاريخي والتقارب الإنساني بين شعوب الجنوب العالمي، وهي علاقات تمتد جذورها إلى عقود طويلة من التعاون السياسي والإنساني والثقافي.

وفي هذا السياق، أكدت سفيرة جمهورية كوبا لدى جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفيدرالية، ميلين سواريز، أن وجودها في أديس أبابا يحمل بعدًا خاصًا، نظرًا لمكانة إثيوبيا التاريخية ودورها المحوري في القارة الأفريقية.

وأوضحت السفيرة أن ارتباطها بالقارة الأفريقية بدأ منذ انخراطها في العمل الدبلوماسي بوزارة الخارجية الكوبية، حيث عملت في إدارة أفريقيا جنوب الصحراء، وتولت لاحقًا متابعة عدد من الدول والمنظمات الإقليمية، وشاركت في قمم متعددة للاتحاد الأفريقي، قبل تعيينها سفيرة لبلادها في إثيوبيا، بعد عملها في دار السلام.

وأشارت إلى أن هذه المهمة تمثل أول تعيين لها كسفيرة لكوبا في بلد أفريقي، مؤكدة أن العلاقات بين كوبا وأفريقيا ليست علاقات سياسية فحسب، بل علاقات هوية وانتماء، حيث شكّلت أفريقيا عنصرًا أساسيًا في تكوين الشخصية الوطنية الكوبية، من خلال الثقافة والموسيقى والمطبخ، وقبل ذلك روح المقاومة والرفض التاريخي للظلم.

وأكدت أن إثيوبيا تحتل مكانة خاصة لدى كوبا، كونها بلدًا لم يخضع للاستعمار، وهو ما يجعل تجربتها التاريخية قريبة من التجربة الكوبية التي قامت على النضال من أجل الاستقلال والحفاظ على الهوية الوطنية.

وأضافت أن وجود مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا يمنح مهمتها الدبلوماسية بعدًا إضافيًا، ويجعل تمثيل كوبا في “عاصمة أفريقيا” مصدر فخر واعتزاز.

ويأتي هذا العام ليحمل رمزية خاصة، مع احتفال البلدين بمرور خمسين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وفي هذا الصدد، وصفت السفيرة هذه العلاقات بأنها تاريخية ومتينة، اتسمت بالتبادل المستمر على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، مشيرة إلى الموقف الإثيوبي الداعم لكوبا في المحافل الدولية، ولا سيما في ما يتعلق بمعارضة الحصار المفروض عليها.

وتطرقت سواريز إلى محطة بارزة في تاريخ العلاقات بين البلدين، تتمثل في مشاركة كوبا إلى جانب إثيوبيا في حرب الأوغادين خلال سبعينيات القرن الماضي، مؤكدة أن هذا الحدث ما زال حاضرًا في الذاكرة الجماعية للشعبين. وأوضحت أن الإثيوبيين لا يزالون يستحضرون الدور الكوبي في الدفاع عن وحدة أراضيهم، فيما يحتفظ الكوبيون بذكريات إنسانية عميقة عن تلك المرحلة، تم توثيقها في كتب وشهادات شخصية.

كما أشارت إلى أن التعاون بين البلدين لم يقتصر على الجوانب العسكرية والسياسية، بل امتد ليشمل التعليم والصحة، حيث درس آلاف الإثيوبيين في كوبا، ولا يزالون يحتفظون بروابط قوية مع البلاد، في حين أسهم الأطباء والمعلمون والمهندسون الكوبيون في دعم مسيرة التنمية في إثيوبيا، في إطار تعاون إنساني قائم على التضامن والصداقة.

وفي ما يتعلق بالتعاون الراهن، لفتت السفيرة إلى توقيع اتفاقيات في مجالات الزراعة، والصناعة، والموارد المائية، والتكنولوجيا، والرياضة، معتبرة أن التحدي الأساسي يتمثل في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستوى العلاقات السياسية.

وأشارت إلى فرص واعدة للتعاون في مجال التكنولوجيا الحيوية، ولا سيما في قطاع اللقاحات، إضافة إلى تبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية، إلى جانب الاستفادة من التجربة الإثيوبية في تحقيق نمو اقتصادي متسارع.

وعلى الصعيد الثقافي، أوضحت سواريز أن السفارة الكوبية في أديس أبابا تنظم بانتظام فعاليات ثقافية لإحياء المناسبات الوطنية، وتعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين، مشيرة إلى “منتزه الصداقة الكوبية–الإثيوبية” الذي خضع لتحديث واسع هذا العام، وإلى الاستعداد لتنظيم مهرجان سينمائي يعرض ملامح الثقافة الكوبية عبر الفن السابع.

وعن رؤيتها للمستقبل، أعربت السفيرة عن أملها في تعزيز التعاون بين البلدين بوصفهما من دول الجنوب العالمي، من أجل بناء عالم أكثر عدالة وتوازنًا، مؤكدة ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يوازي التقارب السياسي.

كما عبّرت عن حلمها بإنشاء مجمّع للصناعات والتكنولوجيا الحيوية يعمل فيه كوبيون وإثيوبيون معًا، إضافة إلى فتح خط جوي مباشر بين أديس أبابا وهافانا.

واختتمت السفيرة حديثها بتوجيه الشكر للشعب الإثيوبي على كرم الضيافة والمحبة التي تحظى بها كوبا، مؤكدة أن بلادها ستواصل العمل من أجل ترسيخ هذه العلاقات التاريخية وتعزيز أواصر الصداقة والتضامن بين الشعبين.

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.