الحاجّات الإثيوبيات.. رحلة إيمان طويلة تبدأ من القرى وتنتهي في مكة
في مشاعر الحج، يلتقي المسلمون من شتى بقاع الأرض على صعيد واحد، لا فرق بين غني وفقير، أو عربي وأعجمي، الكل يلبّي نداء واحداً: “لبيك اللهم لبيك”في هذه اللحظات السامية، تذوب الفوارق، ويعلو صوت الإيمان، وتتشكل تجربة لا تُنسى، تترك أثرها العميق في النفس وهكذا، فإن الحج ليس نهاية لرحلة، بل بداية لحياة جديدة، أكثر قرباً من الله، وأكثر وعياً بمعاني التقوى والتسامح والتواضع.
![]()
نساء إثيوبيا كفاح من أجل فريضة العمر
في قلب إثيوبيا، حيث تتشابك التقاليد العريقة مع الطموحات الدينية، تسطر النساء قصصًا ملهمة من الكفاح والاجتهاد لتوفير تكاليف أداء فريضة الحج مدفوعات بإيمانهن العميق ورغبتهن الصادقة في زيارة بيت الله الحرام، تنخرط الكثيرات منهن في أعمال شاقة ومضنية.
تعتبر مهن مثل الغزل والنسيج، بحرفيتها ودقتها، والزراعة، التي تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا وصبرًا على ظروف الطبيعة، المصدر الرئيسي لدخلهن تعمل هؤلاء النساء بجد وتفانٍ، مستثمرات كل قطرة عرق في سبيل تحقيق هذا الحلم الديني العظيم، إن قصصهن ليست مجرد حكايات عن العمل الشاق، بل هي شهادات حية على قوة الإيمان والتصميم الذي يدفع الإنسان لتحقيق أسمى الغايات الروحية، مهما كانت التحديات.
ادخار سنوات من أجل الحلم
وسط مشاعر مختلطة من الفرح والخشوع، تتوجه سنويًا مجموعات من النساء الإثيوبيات نحو بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج هذه الرحلة بالنسبة لهؤلاء النسوة لا تبدأ من مطار أديس أبابا، بل من أعماق القرى والمناطق البعيدة، ومن قلوبٍ امتلأت بالإيمان والصبر.
لا تملك معظم الحاجّات الإثيوبيات دخلًا ثابتًا أو موارد مالية كافية، ومع ذلك يتمكنّ من جمع تكاليف الحج بعد سنوات طويلة من الادخار تبدأ الرحلة بتوفير القليل من العمل اليومي أو بدعم من أفراد الأسرة، وأحيانًا ببيع الماشية أو الأراضي.
وتقول إحدى الحاجّات، والبسمة تعلو وجهها: “كنت أضع المال في علبة صغيرة منذ أكثر من 15 عامًا، وأردد دائمًا: يومًا ما سأزور بيت الله.”
مشقة الطريق من القرى إلى العاصمة
قبل الوصول إلى الأراضي المقدسة، تخوض الحاجّات الإثيوبيات رحلة داخلية شاقة نحو العاصمة أديس أبابا، حيث تبدأ ترتيبات السفر الرسمية تأتي بعضهنّ من مناطق جبلية نائية، يركبن الحافلات لساعات طويلة، وربما يبتن في الطريق لعدم توفر وسيلة نقل مباشرة ومع ذلك، لا يشكل التعب الجسدي حاجزًا أمام الأمل الكبير.
في المطار وأثناء التنقل في السعودية، يواجه الكثير من الحاجّات صعوبة في التواصل بسبب عدم إتقان اللغة العربية أو الإنجليزية وهنا يظهر دور المرشدين والمتطوعين الذين يرافقونهنّ لمساعدتهنّ في أداء المناسك تقول إحدى السيدات: “لم أفهم ما يُقال أحيانًا، لكن كنت أتابع الآخرين وأتبع النية الصادقة، والله يعلم ما في القلوب.”