Fana: At a Speed of Life!

السفير المكسيكي: الثقافة والزراعة والتاريخ المشترك ركائز الشراكة مع أفريقيا

قال سفير المكسيك لدى إثيوبيا والمراقب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، أليخاندرو إستيفيل، إن العلاقات بين المكسيك وإثيوبيا تقوم على أسس تاريخية وثقافية عميقة، وتستند اليوم إلى تعاون عملي في مجالات الزراعة، والتنمية، والحوار جنوب–جنوب.

وأوضح السفير، خلال لقاء في برنامج “جسور دبلوماسية” مع فانا عربي، أن مسيرته الدبلوماسية الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود جاءت نتيجة مسار مهني تنافسي داخل السلك الدبلوماسي المكسيكي، مشيرًا إلى أن خلفيته الأكاديمية في الأدب والموسيقى أسهمت في تشكيل رؤيته للدبلوماسية باعتبارها فعلًا قائمًا على الفهم والحوار واحترام الآخر.

أفريقيا في صلب الرؤية المكسيكية

وبيّن إستيفيل أن انتقاله إلى إثيوبيا شكّل تحولًا مهمًا بعد سنوات طويلة من العمل في سياق العلاقات المكسيكية-الأميركية، مؤكدًا أن أفريقيا باتت تمثل أولوية استراتيجية لبلاده، خاصة في ظل دعم المكسيك لانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين، والعمل على إيصال الصوت الأفريقي إلى دوائر صنع القرار الدولي.

وأشار إلى أن اختيار إثيوبيا مقرًا لعمله الدبلوماسي يرتبط بمكانتها كمقر للاتحاد الأفريقي، وبالدور المحوري الذي تلعبه في القضايا الإقليمية والدولية.

الزراعة… نموذج للتعاون العملي

وسلّط السفير الضوء على التعاون الزراعي بوصفه أحد أنجح مجالات الشراكة الثنائية، موضحًا أن نسبة كبيرة من القمح والذرة المزروعة في إثيوبيا تعتمد على مواد وراثية طُوّرت في المكسيك عبر مركز البحوث الزراعية الدولي (CIMMYT)، الذي يملك حضورًا فاعلًا داخل البلاد.

كما أشار إلى مشاريع مشتركة في زراعة الصبّار في إقليم تيغراي، وتطوير سلاسل القيمة لمنتجات زراعية في مناطق جيما وبونغا، تشمل التعليب والتجفيف، بما يرفع القيمة المضافة للمنتج المحلي ويعود بالفائدة المباشرة على المزارعين، خصوصًا النساء والشباب.

الثقافة كجسر دبلوماسي

وأكد السفير أن الثقافة تشكل أداة مركزية في العمل الدبلوماسي المكسيكي، موضحًا أن تجربته الأدبية، وارتباطه بحركة “كراك” الأدبية، عززت قناعته بأن الحوار الصادق والخيال المنضبط يمكن أن يكونا أساسًا للتفاهم بين الدول، بعيدًا عن فرض الروايات الأحادية.

ولفت إلى وجود تقاطعات ثقافية لافتة بين المكسيك وإثيوبيا، سواء في الأدب، أو الموسيقى، أو المطبخ، أو القيم الاجتماعية، معتبرًا أن هذا التقارب الإنساني يمنح العلاقات الثنائية عمقًا يتجاوز المصالح السياسية والاقتصادية.

الاتحاد الأفريقي والحوار جنوب–جنوب

وبصفته مراقبًا دائمًا لدى الاتحاد الأفريقي، شدّد إستيفيل على أهمية تعزيز التعاون جنوب–جنوب، معتبرًا الاتحاد منصة أساسية لصياغة حلول أفريقية للتحديات الأمنية والتنموية، ومجالًا خصبًا للحوار حول قضايا حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وإدارة الموارد الطبيعية، وتمكين الشباب والنساء.

وأوضح أن المكسيك تسعى إلى مشاركة خبراتها في إدارة الجاليات بالخارج، والتجارة الحرة، وشهادات الجودة، بما يساعد الدول الأفريقية على تجاوز الحواجز غير الجمركية وتعزيز نفاذ منتجاتها إلى الأسواق العالمية.

أديس أبابا… مدينة تتغيّر

وعن التحولات العمرانية في العاصمة الإثيوبية، قال السفير إن أديس أبابا شهدت خلال أشهر قليلة تغيّرًا لافتًا في بنيتها وجمالها الحضري، معتبرًا أن مشاريع الممرات والتجميل تعكس جرأة في التخطيط، وتبعث رسالة إيجابية للمواطنين والمستثمرين على حد سواء.

إرث تاريخي متبادل

وأكد إستيفيل أن العلاقة بين المكسيك وإثيوبيا تمتد لأكثر من 75 عامًا، وتعود جذورها إلى موقف المكسيك الرافض للغزو الفاشي لإثيوبيا عام 1935، وهو موقف لا يزال حاضرًا في الذاكرة الجماعية للشعبين، ويتجسد في رموز مثل “ساحة المكسيك” في أديس أبابا و“ساحة إثيوبيا” في مكسيكو سيتي.

واختتم السفير حديثه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على التوازن بين الحداثة والتقاليد، مشيدًا بقدرة إثيوبيا على صون هويتها الثقافية وتعزيز قيم التسامح والتعايش، معتبرًا أن هذه القيم تمثل القاسم المشترك الأعمق بين الشعبين المكسيكي والإثيوبي.

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.