باحثون إثيوبيون ينتقدون النهج المصري تجاه النيل ويدعون إلى التعاون بدلاً من العرقلة
78
انتقد باحثون وخبراء إثيوبيون في مجال موارد المياه النهج السياسي المصري تجاه نهر النيل، معتبرين أنه يقوم على فكر استعماري يسعى إلى احتكار استغلال حوض النيل وتجاهل الحقوق المشروعة لدول المنبع في الاستخدام العادل والمنصف للمياه.
وقال مدير معهد العلوم والتكنولوجيا والباحث في موارد المياه، د. ميهريت دينانتو، إن الطرح المصري القائم على استبعاد بقية دول الحوض لم يعد مقبولًا في العصر الحالي، مشيرًا إلى أن إثيوبيا، التي تُعد مصدرًا لأكثر من 86 في المئة من مياه النيل، تمتلك حقًا قانونيًا ومشروعًا في استخدام مواردها الطبيعية لتحقيق التنمية، ولا يوجد أي قانون دولي يمنعها من ذلك.
وأوضح دينانتو أن مشروع سد النهضة يندرج ضمن جهود إثيوبيا لإنتاج طاقة متجددة سلمية، مؤكدًا عدم وجود أي أهداف خفية وراء المشروع، وأن بلاده قادرة على إدارته بكفاءة.
وأضاف أن إثيوبيا منفتحة، على التعاون في محيط السد في مجالات بيئية قائمة على أسس علمية، من بينها مبادرات الغطاء النباتي مثل «البصمة الخضراء»، لافتًا إلى أن إثيوبيا تقدم مليارات الأمتار المكعبة من المياه، في حين لم تتلقَ مقابل ذلك أي دعم.
ودعا الباحثون السياسيين في مصر إلى التخلي عن سياسة العرقلة والمعلومات المضللة، والتوجه نحو مسار يقوم على التنمية العادلة والمنفعة المتبادلة بين دول حوض النيل، مؤكدين أن التعاون والحوار، وليس الإقصاء أو الهيمنة، يمثلان السبيل الأمثل لضمان الاستقرار الإقليمي وتحقيق المصالح المشتركة وفق مبادئ القانون الدولي.
وقال أيضاً د. ميهريت دينانتو إن استراتيجية السيطرة على نهر أباي لم تعد مجدية بعد اكتمال سد النهضة، مشددًا على أن المرحلة الحالية تتطلب بناء روابط اقتصادية حقيقية بين دول الحوض. وأشار إلى أن مصر تُعد من أكبر الدول المستوردة للسلع الإثيوبية، وأن السوق الإثيوبية تُقدَّر بمليارات الدولارات، ما يجعل التعاون الاقتصادي خيارًا أكثر واقعية من الاستمرار في سياسات التصعيد.
بدوره، أوضح المحاضر والباحث في قسم هندسة موارد المياه، د. تيدروس أسيفا، أن سد النهضة يحمل فوائد متعددة لدول المصب والمنبع، سواء فيما يتعلق بتنظيم تدفق المياه، أو تقليل التبخر والطمي، وهي قضايا نوقشت لسنوات مع الجانب المصري.
وأضاف أن المخاوف التي تطرحها القاهرة، ولا سيما المتعلقة بالزلازل، لا تستند إلى أسس علمية، موضحًا أن سد أسوان يُعد أكثر عرضة للمخاطر الزلزالية مقارنة بسد النهضة، مرجعًا استمرار هذه الطروحات إلى ما وصفه بنهج التعالي وآليات التفكير الاستعماري.
وأكد الباحثون في ختام حديثهم أن النهج السياسي المصري الحالي بعيد عن الواقع ولم يتحرر من الفكر الاستعماري، وعلى الرغم من فشل محاولات عرقلة بناء سد النهضة، إلا أنها لا تزال مستمرة بأشكال أخرى، مجددين دعوتهم إلى اعتماد التعاون الإقليمي كخيار وحيد لتحقيق التنمية والاستقرار في حوض النيل.