Fana: At a Speed of Life!

عيد الصليب “مسكل” في إثيوبيا.. احتفال بالإيمان والتاريخ

يُعد عيد الصليب، المعروف محليًا باسم مسكل (Meskel)، واحدًا من أعظم الأعياد الدينية في إثيوبيا، ويحظى بمكانة خاصة في قلوب الشعب الإثيوبي، هذا العيد ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو احتفال يجمع بين الإيمان، التاريخ، الثقافة والوحدة الوطنية.

إن مسكل يعكس عمق الروحانية الإثيوبية، ويُجسد علاقة الشعب بتراثه المسيحي الأرثوذكسي، ويجمع أتباعه في طقس احتفالي مليء بالصلوات، الأناشيد، والتعبير عن الأمل والسلام.

يرتبط مسكل بقصة اكتشاف الصليب الحقيقي الذي صُلب عليه السيد المسيح حسب المعتقدات الأرثوذكسية الإثيوبية، فإن الصليب اكتُشف بفضل رؤى دينية قادتها الملكة إيليني، وهي شخصية بارزة في التاريخ الإثيوبي، تقول الرواية إن الملكة إيليني كانت تسعى لاكتشاف مكان الصليب بعد رؤى إلهية قادتها في ذلك.

وعند عثورها على الصليب، أمرت بإشعال  النيران كعلامة  والمعروفة في إثيوبيا “دميرا”Demera  وهي تلة ضخمة من الأخشاب المزيّنة بالأزهار، لتكون رمزًا للفرح بالنور المسيحي والفداء منذ ذلك الحين أصبح إشعال دميرا الطقس المركزي في احتفالات عشية عيد مسكل.

المعنى الديني والروحاني لمسكل

مسكل ليس مجرد احتفال تقليدي، بل يحمل معاني روحية عميقة يُذكر الأتباع بأن الصليب رمز التضحية والفداء، حيث بذل المسيح حياته فداءً للبشرية في عيد مسكل، يجتمع المؤمنون لتجديد إيمانهم، والتعبير عن الامتنان لخلاص العالم بدم المسيح.

ويقول القادة الدينيون إن دميرا ليست مجرد شعلة نار، بل هي رمز للنور الإلهي الذي يبدد الظلام، ودعوة للأتباع للحفاظ على الإيمان في حياتهم اليومية.

يبدأ الاحتفال بمسكل في صباح اليوم المخصص له، حيث يتجمع الآلاف من المؤمنين في ساحة مسكل الشهيرة في أديس أبابا، إلى جانب مئات التجمعات في مختلف مناطق إثيوبيا، تبدأ الطقوس بالصلاة والتراتيل، ثم يتقدم الكهنة وقادة الكنيسة لإشعال دميرا وسط حضور مهيب للمؤمنين.

دميرا تُبنى من خشب يُجمع خصيصًا لهذا العيد، وتُزين بالأزهار والأغصان الخضراء، لتعكس جمال الطبيعة وتكريمًا للصليب المقدس وعند إشعال دميرا، يتحول المكان إلى مشهد روحاني مفعم بالأمل والفرح، حيث تتعالى الأصوات بالأناشيد الدينية التي تمتد لساعات.

كما يصاحب الاحتفال رقصات تقليدية وعروض موسيقية، ويشارك فيه الناس من مختلف الأعمار والمناطق، في مشهد يجمع الدين بالتراث الشعبي.

المعنى الاجتماعي والثقافي لعيد مسكل

عيد مسكل ليس فقط مناسبة دينية، بل هو حدث يجسد الوحدة الوطنية الإثيوبية. في هذا اليوم، يتجاوز الناس الانقسامات العرقية ، ويتحدون في احتفال جماعي يعبر عن المحبة والسلام.

كما أصبح مسكل مناسبة ثقافية وسياحية، حيث يتوافد آلاف الزوار من داخل إثيوبيا وخارجها لمشاهدة الاحتفالات والمشاركة فيها.
الحكومة الإثيوبية تعترف بأهمية هذا العيد كجزء من التراث الوطني، وتعمل على دعمه وحمايته كعنصر أساسي من الهوية الثقافية الإثيوبية.

خاتمة

عيد الصليب “مسكل” ليس مجرد مناسبة دينية في إثيوبيا، بل هو رمز للإيمان، والتاريخ، والوحدة الوطنية إنه يوم يجمع الشعب في مشهد مهيب من الصلاة والفرح، ويعبر عن قيم المحبة والسلام.
يبقى مسكل احتفالًا يربط الماضي بالحاضر، ويؤكد على أهمية الحفاظ على التراث الديني والثقافي، مع بث رسالة أمل ووحدة لكل إنسان.

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.