موسى شيخو: إثيوبيا تعطي الأولوية لدول الجوار وسد النهضة مشروع تنموي لا يهدد أحداً
107
أكد الباحث في الشؤون الافريقية موسى شيخو أن الدبلوماسية الإثيوبية تركز على تعزيز العلاقات مع دول الجوار، بوصفها أولوية استراتيجية تقود سياسة البلاد الخارجية.
وقال -في مقابلة مع “بودكاست فانا عربي- إن هذا النهج لم يكن وليد اللحظة، بل جاء مدفوعاً برؤية واضحة تمثلت في تحقيق السلام الإقليمي وتعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي في منطقة القرن الإفريقي.
وأضاف موسى أن فوز رئيس الوزراء آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة مبادرات غير مسبوقة للمصالحة، أبرزها إنهاء القطيعة مع إريتريا، وفتح قنوات التواصل معها، في خطوة كسرت العرف الدبلوماسي السائد في إثيوبيا آنذاك.
وأوضح أن إثيوبيا لم تكتفِ بالمصالحة مع إريتريا، بل شرعت في جهود نشطة لجمع شمل دول شرق إفريقيا، بما فيها الصومال، جيبوتي، “أرض الصومال” (صوماليلاند)، ، مشيراً إلى أن هذه الدول ترتبط بعوامل ثقافية واجتماعية موحدة، رغم الخلافات السياسية فيما بينها.
وتابع أن المبادرات الإثيوبية سعت لتحقيق التوازن والمصالحة بين هرجيسا ومقديشو، لكن تلك الجهود لم تلقَ التقدير الإعلامي الكافي، بل وُوجهت باتهامات مغرضة من بعض الأطراف، وعلى رأسها الإعلام المصري، بمحاولة تقسيم الصومال.
وفيما يتعلق بالسودان، شدد موسى على أن بلاده لعبت دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين السودانيين، مشيراً إلى أن إثيوبيا كانت صوت السلام الذي دعم الاتفاق بين المدنيين والعسكر بعد سقوط نظام البشير.
وأضاف أن الشعب السوداني بنفسه هو من وصف رئيس الوزراء آبي أحمد بـ”رسول السلام”، مشيراً إلى دور السفير محمود درير في الوساطة، ومشهد الدموع الذي رافق توقيع الاتفاق.
وعن ملف سد النهضة، قال موسى شيخو إن إثيوبيا لم تسعَى أبداً إلى الإضرار بمصالح دول المصب، خصوصاً مصر، بل هدفت فقط إلى الاستفادة المنصفة من مياه نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية.
وأكد أن طريقة استخدام إثيوبيا للمياه لا تتضمن أي حجز أو تحويل لمسار النهر، بل يتم تمرير المياه عبر التوربينات ثم تعود إلى مجراها الطبيعي.
وأشار إلى أن السودان استفاد بشكل مباشر من هذه العملية، حيث انخفضت مستويات الفيضانات التي كانت تُغرق الخرطوم سنوياً.
وأضاف أن مواقف مصر في هذا الملف اتسمت بالتسييس المفرط، إذ لجأت القاهرة إلى مجلس الأمن أكثر من 13 مرة، لكنها لم تحقق أي نتائج تُذكر.
وتابع قائلاً: “لو تعاونت إثيوبيا ومصر والسودان، لأصبحنا قوة اقتصادية وسياسية لا يُستهان بها في إفريقيا والشرق الأوسط. لا نكنّ العداء لمصر، لكن الإعلام والدبلوماسية المصرية هما من سلكا نهجاً عدائياً تجاهنا”.
أما بخصوص مطالبة إثيوبيا بالحصول على منفذ بحري، فقد أوضح المسؤول أن هذا المطلب ليس جديداً ولا يعني النية في احتلال أو خوض حرب، بل هو حق قانوني ومشروع وفقاً للمواثيق الدولية. وأضاف: “نحن دولة ذات كثافة سكانية عالية، ولدينا أكثر من 20 مجمعات صناعية في مختلف الأقاليم بحاجة إلى تصدير منتجاتها لا يكفينا ميناء واحد، ونحتاج إلى منافذ متعددة” .
وأضاف أن ارتباط إثيوبيا بالبحر الأحمر ليس فقط اقتصادياً، بل له أبعاد تاريخية وثقافية وأمنية أيضاً، مشدداً على أن بلاده تواجه تحديات أمنية متزايدة في المنطقة، خاصة مع التوترات في اليمن ومقديشو، وتنامي الحضور العسكري الأجنبي في البحر الأحمر.
كما شدد موسى على أن إثيوبيا لا تسعى للحرب، وإنما تعتمد الدبلوماسية السلمية في تحقيق مصالحها الاستراتيجية، مؤكداً أن مطالب البلاد ستظل قائمة حتى تتحقق بشكل عادل وسلمي.
وقال: “نحن لسنا جماعة مسلحة بل دولة ذات سيادة ومسؤولية العالم يعرف أن مطالبنا منطقية، ولدينا سوابق مماثلة على الصعيد الدولي على الجميع أن يعلم: إثيوبيا باقية، وستبني مستقبلها بسلام، وشراكة، وتكامل مع جيرانها”.