Fana: At a Speed of Life!

إثيوبيا وسد النهضة.. ملحمة التحدي والانتصار

إبراهيم كمال-كاتب ومحلل سياسي

لم يكن اكتمال سد النهضة الإثيوبي الكبير مجرد حدث إنشائي أو مشروع تنموي عابر، بل كان فاصلة تاريخية بين زمنين: زمن الانكسار والتبعية، وزمن النهوض والعزة والسيادة.

على مدى أكثر من عقد من الزمن، خاضت إثيوبيا امتحانًا عسيرًا كاد أن يُثني عزائمها، لكن الشعب تمسّك بحلمه وقاوم الضغوط الداخلية والخارجية حتى بلغ خط النهاية.

منذ اللحظة الأولى كان من الطبيعي أن تعترض مصر على المشروع، إذ اعتادت أن تنظر إلى نهر النيل كملكية خاصة، متناسية أن لهذا النهر منابعه الحقيقية في المرتفعات الإثيوبية. ورغم التهديدات ومحاولات العرقلة، مضت إثيوبيا في مسارها، واضعة نصب عينيها رضا تاريخها وحقوق أبنائها في التنمية والنهضة.

سد النهضة لم يكن مجرد خمسة آلاف ميغاوات من الكهرباء، بل كان رمزًا للتحول الوطني: من وادي الهزيمة إلى قمة الانتصار، ومن التبعية إلى الاستقلال. كان جدارًا أسندت إليه الأمة كرامتها، ومنارة أضاءت طريق أجيالها المقبلة.

لقد دفع الشعب الإثيوبي ثمنًا باهظًا من جوع ودماء وحروب داخلية وخارجية، لكنه صبر وصمد، دون مال وفير ولا حليف قريب، مؤمنًا بأن قوة الإرادة أعظم من سطوة الجيوش، وأن وحدة الشعب أبلغ من أي دعم خارجي.

وهنا يكمن المعنى العميق: سد النهضة ليس مشروعًا هندسيًا فحسب، بل معركة كرامة وحكاية صمود وصفحة خالدة في كتاب التاريخ. وهو دليل على أن الشعوب التي تتشبث بحقها، ولو كانت وحدها، قادرة على أن تكتب ملحمة تبهر العالم.

اليوم، تقف إثيوبيا شامخة أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام الأمم. لم تُسقِط سدًّا في أسوان، ولم تُطفئ أنوار جيرانها، بل أضاءت أرضها ورفعت رؤوس أبنائها. وما أجمل أن يُسجَّل في سفر الزمان:

“لقد شيّدت إثيوبيا بسواعدها، وبإيمانها الصلب، أعظم سد في إفريقيا – سد النهضة – وأكملته في سبتمبر 2025، ليكون شاهدًا على أن الإرادة حين تُصاغ بالعزيمة تُنجب المعجزات.”

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.